إن ما يحدث الآن في سورية له انعكاسات مستقبلية مصرية وتارخية للشعوب العربية سوى بالإيجابي أو بالسلبي كبقية النكاسات التي تعود عليها المواطن العربي،وكل ثورة مهما اختلفت عن غيرها في المكان والزمان والشعب والنظام الذي تريد اسقاطه توجد ثلاث عوامل أساسية لنجاحها ومن دونها يصعب الحديث عن ثورة وهي راديكالية المطالب الشعبية،تفكك النواة الصلبة للنظام وأخيراً موقف المؤسسة العسكرية
راديكالية المطالب الشعبية
يجب أن تكون المطالب الشعبية للثورة راديكالية أي أنها ترفض جميع شعارات الإصلاح والتوبة للنظام وإمكانية إصلاح النظام من الداخل بتشريك الثوار في المنظومة السياسية وتنفيذ بعض المطالب الشعبية المستعجلة ...وهذا العامل موجود في الطرف الثائر على النظام في سورية الذي لا يقبل كل ما له علاقة بالماضي ويريد تغيير جذري يعكس سنوات الشقاء والحرمان التي تعرض له طيلة سنوات حكم حزب البعث السوري،فالمطلب الأساسي للثائرين في سورية هو رحيل كل من بشار ونظامه بالكامل لكن في المقابل لا يمكن إخفاء وجود طرف مؤيد في سورية وهو ليس بالأقلية كما يتصور البعض والذي قد يتسبب في حرب أهلية اثر سقوط بشار كما يحدث الآن في ليبيا من تقاتل وصراع مستمر ناتج عن العقلية القبالية الرافضة لمفهوم الدولة.
تفكك النواة الصلبة للنظام
كل نظام قائم على مفهوم الحزب الواحد، عصبية القبلية تحفظ كيانه من الانقراض والذوبان، هذا ما تحدث عنه إبن خلدون حيث إعتبر أن ضعف الدولة ثم زوالها بضعف عصبيتها ـ أي العصبية القبلية للنظام ـ وذلك باستبعاد أهل العصبية، فلا يزال الملك ملجأ في الأمة إلى أن تنكسر سورة العصبية منها أو يفنى سائر عشائرها ...يعني أن عامل التفكك والانشقاقات في النواة الصلبة للنظام من النخب الحاكمة له دور هام في سقوطه بوجود خينات لهذه العصبية وتشتت الإلتفاف حول الزعيم ووجود فئة العقلانيين أو الإنتهازيين الذين ليست لهم أي مبادئ هم فقط يحسبون مصالحهم ويختارون الطرف الذي سيخدم مصالحهم وهذا ما لم يحصل إلى حد الآن في سورية فهده الفئة مازالت حذرة ولم نشاهد سوى بعض الإنشقاقات الهامشية ذات الرتب الصغيرة و بأعداد قليلة لا إمكانية لها في تغيير الواقع ...قد يكون ما حدث أمس من مقتل وزيري الدفاع والداخلية ورئيس خلية الأزمة وصهر الرئيس السوري ناتج عن عملية إغتيال قام بها النظام البعثي مخافة حدوث هذه الإنشقاقات المدمرة وكذلك تحذير لكل من يفكر في ذلك .
موقف المؤسسة العسكرية
دور المؤسسة العسكرية في الثورة إستراتيجي كما حدث في تونس ومصر وليبيا...فإلتزام هذه المؤسسة بالحياد ثم الإنتقال للضغط من أجل رحيل رمز النظام أو كما حدث في ليبيا من انشقاقات كبيرة للجنرالات وانضمامهم للثورة دور جوهري في سقوط النظام ونجاح الثورة وهذا ما لم يحصل في سورية إلى حد الآن، فالعسكري في سورية سياسي قبل أن يكون عسكري،فالجيش السوري مؤمن بعقلية الحزب الواحد والمشروع البعثي ويلتف حول الزعيم لحمايته وله عقيدة تختلف عن بقية الجيوش العربية يعني أن الجيش السوري هو جزء في حد ذاته من النظام وليس طرف حاسم في الثورة السورية لكن من يعلم قد يحدث ما لا يتوقعه أحد .
كل هذه العوامل من أهم الأسباب المباشرة لسقوط أي نظام ونجاح ثورة لكن بالطبع تبقى هذه العوامل مجدية في حالة إنعدام التدخل الأجنبي في أمور الثورة، إنطلاقاً من جيش الناتو والصهاينة وصولاً إلى عملاء الصهاينة والأمريكان من أمير قطر وآل سعود .