إن أغلب الأفكار السائدة بين مجتمعاتنا العربية و الإسلامية عن العدو الصهيوني هي أفكار مرت عبر ماكينة الإعلام الصهيوني إلى حد أن البعض قد بلغت به العقلية الإنهزامية إلى حد الضحك أو الإستهزاء بكل من ينادي بتحرير القدس، فأمثال هؤلاء المغيبين اصبحوا يعتقدون أن هذا العدو لا يمكن التغلب عليه نظراً لقوته العسكرية التي بلغت ذروتها أو لتجاوز الدعم الأمريكى-السياسى والمالى والعسكرى- كل الحدود والخطوط الحمراء لكن الحقيقة التي تاهت عن الكثيرين هي أن الواقع الإسرائيلي الآن واقع متدهور و أن المشروع الصهيوني يعيش أصعب فتراته،فما هي هذه الصعوبات ؟ و هل حقاً هي مؤشرات بداية إنهيار المشروع الصهيوني ؟
بدايةً علينا الإشارة إلى أن موضوع نهاية إسرائيل متجذر فى الوجدان الصهيونى و ليس بالأمر الغريب،فقبل إنشاء الدولة أدرك كثير من الصهاينة أن المشروع الصهيونى مشروع مستحيل وأن الحلم الصهيونى سيتحول إلى كابوس،و هذا ما يشعر به الشعب الإسرائيلي كل يوم بعد إنشاء دولتهم الغاصبة. ففى عام 1954 قال موشيه ديان، وزير الدفاع والخارجية الإسرائيلى، فى جنازة صديق له قتله الفدائيون الفلسطينيون: "علينا أن نكون مستعدين ومسلحين، أن نكون أقوياء وقساة، حتى لا يسقط السيف من قبضتنا وتنتهي الحياة".إن هاجس النهاية، ماثل دائما فى العقول، فالضحايا الذين طردوا من ديارهم تحولوا هم وأبناؤهم إلى فدائيين يقرعون الأبواب يطالبون بالأرض التى سلبت منهم. ولذا فإن الشاعر الإسرائيلي حاييم جوري يرى أن كل إسرائيلي يولد وفي داخله السكين الذي سيذبحه، فهذا التراب (أي إسرائيل) لا يرتوي،فهو يطالب دائماً بالمزيد من المدافن وصناديق دفن الموتى.
ومع انتفاضة الأقصى تحدثت الصحف الإسرائيلية عدة مرات عن موضوع نهاية إسرائيل. فقد نشرت جريدة يديعوت أحرونوت (27 يناير 2002) مقالا بعنوان "يشترون شققاً فى الخارج تحسباً لليوم الأسود"، اليوم الذى لا يحب الإسرائيليون أن يفكروا فيه، أى نهاية اسرائيل! والموضوع نفسه يظهر فى مقال ياعيل باز ميلماد (معاريف 27ديسمبر2001) الذى يبدأ بالعبارة التالية: "أحاول دائماً أن أبعد عنى هذه الفكرة المزعجة، ولكنها تطل فى كل مرة وتظهر من جديد: هل يمكن أن تكون نهاية الدولة كنهاية الحركة الكيبوتسية؟ ثمة أوجه شبه كثيرة بين المجريات التى مرت على الكيبوتسات قبل أن تحتضر أو تموت، وبين ما يجرى فى الآونة الأخيرة مع الدولة". وقد لخص جدعون عيست الموقف فى عبارة درامية "ثمة ما يمكن البكاء عليه: اسرائيل"(يديعوت أحرونوت 29 يناير2002) .
بل إن مجلة نيوزويك (2إبريل2002) صدرت وقد حمل غلافها صورة نجمة اسرائيل، وفى داخلها السؤال التالى: "مستقبل اسرائيل: كيف سيتسنى لها البقاء؟". وقد زادت المجلة الأمور إيضاحاً حين قالت: "هل ستبقى الدولة اليهودية على قيد الحياة؟ وبأى ثمن؟ وبأية هوية؟". ولكن ما يهمنا فى هذا السياق ما قاله الكاتب الإسرائيلى عاموس إيلون: الذى أكد أنه فى حالة يأس لأنه يخشى أن يكون الأمر قد فات". ثم أضاف "لقد قلت لكم مجرد نصف ما أخشاه" (النصف الثانى أن الوقت قد فات بالفعل). ويتكرر الحديث عن نهاية اسرائيل فى مقال إيتان هابر بعنوان "ليلة سعيدة أيها اليأس.. والكآبة تكتنف اسرائيل" (يديعوت أحرونوت 11نوفمبر2001). يشير الكاتب إلى أن الجيش الأمريكى كان مسلحاً بأحدث المعدات العسكرية، ومع هذا يتذكر الجميع صورة المروحيات الأمريكية تحوم فوق مقر السفارة فى سايجون، محاولة إنقاذ الأمريكيين وعملائهم المحليين فى ظل حالة من الهلع والخوف حتى الموت. إن الطائرة المروحية هى رمز الهزيمة والاستسلام والهروب الجبان فى الوقت المناسب. ثم يستمر الكاتب نفسه فى تفصيل الموقف: "إن جيش الحفاة فى فيتنام الشمالية قد هزم المسلحين بأحدث الوسائل القتالية. ويكمن السر فى أن الروح هى التى دفعت المقاتلين وقادتهم إلى الانتصار. الروح تعنى المعنويات والتصميم والوعى بعدالة النهج والإحساس بعدم وجود خيار آخر. وهو ما تفتقده إسرائيل التى يكتنفها اليأس".
أما أبراهام بورج فيقول في مقال له (يديعوت أحرونوت، 29 أغسطس 2003) إن "نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني. قد تظل هناك دولة يهودية، ولكنها ستكون شيئا مختلفاً، غريبة وقبيحة... فدولة تفتقد للعدالة لا يمكن أن يُكتب لها البقاء... إن بنية الصهيونية التحتية آخذة في التداعي... تماماً مثل دار مناسبات رخيصة في القدس، حيث يستمر بعض المجانين في الرقص في الطابق العلوي بينما تتهاوى الأعمدة في الطابق الأرضي". ثم، أطل الموضوع برأسه مجدداً في مقال ليرون لندن (يديعوت أحرونوت 27 نوفمبر 2003) بعنوان: "عقارب الساعة تقترب من الصفر لدولة إسرائيل"، وجاء فيه "في مؤتمر المناعة الاجتماعية الذي عُقد هذا الأسبوع، عُلم أن معدلاً كبيراً جداً من الإسرائيليين يشكون فيما إذا كانت الدولة ستبقى بعد 30 سنة. وهذه المعطيات المقلقة تدل على أن عقارب الساعة تقترب من الساعة 12، (أى لحظة النهاية) وهذا هو السبب في كثرة الخطط السياسية التي تولد خارج الرحم العاقر للسلطة". وحينما أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها بخصوص الجدار العازل وعدم شرعيته بدأ الحديث على الفور عن أن هذه هى بداية النهاية.
السؤال الذى يطرح نفسه: لماذا هاجس النهاية يطارد الإسرائيليين؟ ما سبب هذا الذعر ؟
من بين هذه الأسباب نجد سقوط الإجماع الصهيوني الذي أكد منذ البداية و مازال يؤكد أن فلسطين أرض بلا شعب،لكن الواقع أكد شيء آخر،أكد أن لفلسطين شعب عظيم متماسك و مقاوم عجزت كل الوسائل الصهيونية على تهميشه و أكد للعالم أن إسرائيل ليس إلا كيان مستعمر عاجز أمام صمود المقاومة و أن اليهود لا يشكلون شعب فأغلب يهود العالم خارج إسرائيل .
هذا ما يفسر لنا وجود مشكل آخر ،مشكل فشل التصور الصهيوني الذي كان يعتقد أنه سيستطيع جمع المهاجرين اليهود من جميع دول العالم ليتم صهرهم في المواطن الإسرائيلي لكن لم يحدث هذا، فيهود العالم لا يرغبون في الذهاب إلى إسرائيل و هذا في حد ذاته أكبر و أخطر مشكل ينذر بسقوط المشروع الصهيوني من تلقاء نفسه،فالمهاجرون القادمون لإسرائيل يمثلون المادة الاستيطانية،و إسرائيل دولة استيطانية مبنية على القتال والعنف وبالتالي لا بد أن يكون هناك باستمرار مهاجرون حتى تدور آلة الحرب لكن كل هذه الحسابات تسقط في الماء،لذلك تحاول إسرائيل بإستمرار تكثيف محاولاتها من أجل استقطاب مزيد من اليهود فهي تدرك جيداً أن الممالك الصليبية قضى عليها جراء توقف الهجرة من الغرب إلى ما اضطر إسرائيل إلى إستيراد نوعية أخرى من المستوطنين ليسوا يهود و لا يؤمنون لا بالفكر الصهيوني و لا باليهودية،هم فقط مرتزقة الكثير منهم يرفض حتى تعلم العبرية بل إن المشكل يزداد تعقيداً حين ترتفع معدلات
الهجرة من إسرائيل إلى الخارج ،فحسب وزارة الهجرة الإسرائيلية يقدر عدد المهاجرين ب 700 ألف إسرائيلي.
الهجرة من إسرائيل إلى الخارج ،فحسب وزارة الهجرة الإسرائيلية يقدر عدد المهاجرين ب 700 ألف إسرائيلي.
فيديو الاشهار الصهيوني الذي يشجع يهود العالم و يدعوهم إلى الهجرة إلى الدولة الوهمية في فلسطين
هذا ما يفسر لنا أيضاً مشكل آخر الذي بسببه تزداد كل المشاكل الأخرى تعقيداً و هو مشكل فقدان الأمن ،المواطن الإسرائيلي لا يعرف معنى الأمن ففي تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية قالت فيه : إن نسبة الذين يشعرون بالأمن في المجتمع الإسرائيلي لا يزيدون عن 4% من السكان، دولة نووية تملك جيشا من أقوى الجيوش في العالم ومجتمع معسكر ومع ذلك 96% لا يشعرون بالأمن.
هذا فيديو يبين لنا رعب الشعب الإسرائيلي من الحرب مع ايران
رغم الخوف وعدم الإحساس بالأمن من الدول المجاورة يبقى أهم سبب لهذا الفشل الصهيوني في تحقيق الشعور بالأمن للشعب الإسرائيلي هي المقاومة ،فهذه هي إنجازات المقاومة الغير ضاهرة للعيان و المدمرة لدولة إسرائيل هي التي جعلت من المشروع الصهيوني يتوقف في منتصف الطريق عاجزاً حتى على جلب اليهود لإسرائيل مما جعل الجيش الإسرائيلي يتآكل يوما بعد يوم رغم كل التكنولوجيا و القدرات العسكرية التي يمتلكها فأصبح الوضع العسكري الإسرائيلي مترهل عبارة على جسد منتفخ ، منحل وليس فيه عضلات، يفتقر إلي القدرة على التغلب على مقاومة قوات معادية صغيرة.هذا الجيش لم يعد يوفر الثقة و الأمن التي لا يكف الإعلام الإسرائيلي في الترويج لها بحثا على تهدئة الوضع المتوتر دخل المجتمع الإسرائيلي الذي لم يعد يستطيع تحمل صواريخ المقاومة أو صور جحافل الفلسطينيين المحتفلين بإنجازات المقاومة في أكثر من مرة و لم يعد الشعب الإسرائيلي يخفي إنتقاده لحكومته و لسياسة الجيش الفاشل الذي رغم ضعفه مازال يمارس الحصار على شعب فلسطين الذي يفقد المزيد من مقدرته القتالية .
ويظهر تدهور الجيش الإسرائيلي في انخفاض الروح المعنوية والإحساس العميق بالخوف واليأس . ففي مقال لجدعون ألون (هارتس 18 ديسمبر 1987) بعنوان "جندي احتياط عائد من الخدمة في قطاع غزة: كان ذلك كابوسا حقيقيا " ، قال احد جنود الاحتياط: أن قطاع غزة أصبح "عشا من الدبابير" ولذا فهو يفضل خدمة شهرين داخل القطاع الأمني في لبنان على أن يخدم أسبوعين في قطاع غزة. وأضاف: "كلما تذكرت أنني سأضطر للعودة إلي هذه الأماكن المقيتة اعترتني قشعريرة وتصبب العرق من جبيني ".
لقد أدركت إسرائيل الخطر الذي تسببه المقاومة و حركات التحرير من تدهور جراء التناقض المتزايد وسط مجتمعها الذي إزداد تشتتاً يوماً بعد يوم، فاقداً للأمن و أدركت ايضا عجزها على محاربة المقاومة لذلك هي تعمل الآن على انتهاج سياسة المفاوضات كما تحدثت في المقال السابق « العقل العربي » و على جر جميع فصائل المقاومة العربية و الإسلامية و بالأخص حركة حماس إلى طاولة المفاوضات بدل الحرب التي لم تعد تنفع بل تزيدالأمور تعقيداً
إسرائيل تشعر اليوم بالورطة التاريخية التي ألقيت فيها جراء الفكر الصهيوني الذي اثبت فشله في تحقيق النظري على أمر الواقع و أن الشعب الفلسطيني ليس قبائل الهنود الحمر،بل هو شعب مؤمن بمقدساته تقف إلى جانبه الشعوب العربية و الإسلامية التي لن تسلم يوماً بوجود إسرائيل،هذا الكلام موجه للنخب التي تعتقد أن المقاومة جهد لا طائل من ورائه، وأنه لا حل إلا من خلال المفاوضات مع الدولة الصهيونية أو من خلال الضغوط الأمريكية التي يمكن أن تمارسها على الدولة الصهيونية في حين انهما وجهان لعملة واحدة.
إسرائيل من الداخل: أزمة الأمن
8 commentaires:
أمين ، إن شاء الله إسرائيل في طريقها للزوال
tahlil waki3i 3azizi vcom w ida samahta li an oudifa chay2an.israel laha nidamon 3alamiyy yahmi masali7aha w amnaha.par exemple ba3d yawmayn min hadithet toulouze aw masrahiyat toulouze waka3a tamrir kanoun houna fi allemagne yakvi bi tatabo3i el moslimin w tavyik 3ala nachatatihom w tanabo2i b macheri3ihom w kachf el khalaya al irhabiya kama yakouloun.ya3ni bil mantaq ida kenet al haditha sahiha wa kama al jaza2iri bi katl al khakham wal atfel lil intikam li atfel ghaza lakana al awla 3ala al mojtami3 adawli an yab7atha fi mochkilet al i7tilel al israeli li ghaza wa kayfiyet inhe2ihi. lakinannaha masrahiya raha vahiyataha heda achaab al jazaeri li tamrir kawanin li mazid attavyik 3ala al moslimin wa bil akhass al nachitin wal mosanidin li Ghaza.wakama kolt anta nakbatona bada2at 7ina istaslama al 3arab li mahzalet al mofawavat. inchallah firak al mokawama touwasel fi kife7iha w tabka chawka fi 7alk esaahayna w man walehom.
nokta okhra sadiki vcom: kolou wase2el al i3lem tahadathat 3an hadithet toulouze lakin AL Jazeera hiya al kanet al wahida allati wasafat al chab al jazaeri bi " salafi "...ya3ni AL Jazeera hiya takhdem agenda mo3ayana w tohawel atta2thir 3ala al ra2y al 3arabi.
Good luck 3aziz vcom (GB) y.
أضيف إلى ماذكرت أن المواطن في اسرائيل يفقد تدريجيا الثقة في رجال السلطة المشهورين بفسادهم المالي
للاطلاع
http://www.aljazeera.net/news/pages/dd46dfb0-8e44-416d-b78e-8e1d972b3943
الحرب النفسية عامل كبير في أي حرب
https://lh6.googleusercontent.com/-YBOnjzolGU8/T4nPHHl0tjI/AAAAAAAADNs/ZkL-uBZFeCw/s622/33958_388217981208625_119275738102852_1262927_435144774_n.jpg
Godot...
بأذن الله
اوهااام !!! ....
اسائيل تخطط لحكم العالم , وأنت تتحدث عن نهايتهم
كلنا متفقون على نهايتهم ولكن ليس بعد
et le nouvel ordre mondial??
Enregistrer un commentaire
في انتظار تعاليقكم
J'attend vos commentaires