بين الوضع السوري الحالي والمستقبلي وما حدث سابقاً من غزو أمريكي للعراق توجد العديد من نقاط الترابط والتشابه أيضاً،فما حدث في العراق هو سبب رئيسي لتوجهات الولايات المتحدة الأمريكية الآن إتجاه النظام السوري أما نقاط التشابه تكمن في تعامل الأمريكان مع الثورة السورية حيث أنها تريد إستعمال ما إكتسبته من خبرة خلال فترة إحتلال العراق لذلك أردت كتابة هذه التدوينة في الدكرى العاشرة من بداية غزو العراق حتى تكون تذكير وتنبيه لما يحصل في سورية اليوم
فبعد إعلان الحرب العالمية على ما يسمى بالإرهاب وبعد النجاح الأمريكي في الحرب على أفغانستان وضمان حضورها العسكري وسط مثلث بريماكوف - روسيا الهند و الصين- والمجاور لباكستان لم يتوقف الجشع الأمريكي بل كان التسرع بدخول حرب جديدة على العراق التي لم يتم دراسة جدواها السياسي كما حصل في حرب أفغانستان، فكانت حرب بلا جدوى أو حرب ناجحة في تخطيطها العسكري و فاشلة في جدواها السياسي وقد اعتمدت أمريكا على إتفاقات مصالح و تعاون بينها و بين إيران في هذه الحرب، حيث اعترف وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر بأن الولايات المتحدة الأمريكية تساهم في سيطرة المتطرفين الشيعة على منطقة الشرق الأوسط من خلال تركهم يسيطرون على العراق وسبحان الله تقريباً هذا مايريدون فعله بسورية اليوم بعد إسقاط نظام بشار بترك فئة سنية معتدلة تسيطر على سورية وتضمن لهم مصالحهم وأولها أمن إسرائيل ...هكذا هي أمريكا لا يهمها لا شيعة ولا سنة الذي يهمها مصالحها أولاً وآخراً وكل ما يردده الكثيرون من أن أمريكا تسعى لإبقاء نظام بشار الساهر على أمن إسرائيل ليس إلا كلام فارغ ،فالصهاينة والأمريكان اشعلوا الضوء الأخضر وهم يريدون فعلاً إسقاط بشار لكنهم يبحثون فقط عن البديل وإن لم يجدوه فسيقمون بصناعته لكن يقى السؤال المطروح : لماذا يريد الأمريكان والصهاينة إسقاط نظام بشار ؟
بعد سقوط نظام صدام حسين والذي فرض نوع من التوازن السياسي في منطقة الشرق الأوسط بين الطرف السني والطرف الشيعي إختل هذا التوازن وسرعان ما ضهر التغول الشيعي والايراني بالمنطقة وهنا شعر الامريكان بالخطر الكبير الذي يحدق بهم خاصة بعد سيطرة الشيعه على الحكومه وزمام الأمور في العراق وأصبحت العراق عبارة عن مستعمرة إيرانية،لذلك أدرك الأمريكان أنهم تسرعوا في الحرب على العراق خاصة بعد كل الخسائر المادية والبشرية التي اثقلت كاهلهم في هذه الحرب والمستفيد الأكبر منها هو الطرف الإيراني الذي إستطاع التلاعب بهم...فأمريكا لم تكن تتخيل حجم التنظيم والتنسيق الشيعي الذي يتفوقون به عن السنه بل وامكانياتهم على مختلف الصعد وكذلك نزعتهم القومية الفارسية القائمة على التوسع على حساب العرب والى جانب كل هذا يأتي التحالف السوري الايراني وحزب الله في لبنان أضف إلى ذلك المصالح الاقتصادية الكبيرة والعسكرية التي تربط إيران بروسيا والصين خاصة في مجالات استخراج النفط وبعض الصناعات العسكرية وكلنا نعلم حجم الصراع الإقتصادي العالمي بين الصين وأمريكا
.
هذا التغول الإيراني أصبح يمثل خطر بالنسبة لضمان بقاء إسرائيل كقوة العسكرية رقم واحد في المنطقة كذلك تهديد لأمنها بالدور الكبير الذي تلعبه كل من سورية وحزب الله في الدعم المادي والعسكري لحركة حماس المقاومة والذي أصبح واضح مع كل مواجهة تثبت تطور امكانيات المقاومة أمام قوات الإحتلال ومن هنا كان لا بد لامريكا ان تستغل هذا الموقف وتجد طريقة لاضعاف وضرب ما يسمي بالهلال الشيعي -ايران العراق سوريا ولبنان- والتخطيط لشرق أوسط جديد بإعادة تقسيم الأدوار والعلاقات بين الدول العربية بما فيهم سوريا ولبنان والعراق ....وفعلا بدات امريكا بالمرحله الاولى وهي ايجاد الخلافات والنزاعات بين أطراف الهلال الشيعي
الفصل بين العراق وايران -1:
بحجة ان ايران دوله فارسية مخابراتية تمثل خطر للعرب والسنة وتكن لهم البغض بالإضافة إلى أن إيران تسيطر على بعض الجماعات والاحزاب العراقيه وتدعمها بالسلاح لنشر الارهاب في العراق
2- الفصل بين سوريا ولبنان:
بحجة ان سوريا دوله تريد احتلال لبنان ولها مطامع اقتصاديه وسياسيه في لبنان وهي التي تقوم بدعم الارهاب داخل لبنان بإدخال السلاح لحزب الله والفصائل الفلسطينية
3- الفصل بين العراق وسوريا:
بحجة ان سوريا شريك لايران بالمؤامره على العراق وان سوريا لها مطامع اقتصاديه وسياسيه في العراق
4- الفصل بين العراق ولبنان:
بحجة ان حزب الله يتدخل بالشؤون الداخليه للعراق ويقوم بتدريب الارهابيين فيها وهو تنظيم موالي لإيران
5- الفصل بين ايران ولبنان :
بحجة ان حزب الله ليس لديه اي انتماء لبلده بل ينتمي لمرجعيته الايرانية والشيعية وان ايران تدعم الشيعه بالسلاح لبسط نفوذها ونفوذهم في لبنان
6- الفصل بين ايران وسوريا :
؟؟؟؟؟؟؟؟؟!! وهنا يعجز الأمريكان عن فك الارتباط الايراني السوري كما كان ركيكا على المستوى اللبناني السوري أيضاً والذي لم يكن كما أرادوه ولم يكن هناك اي خيارات امام امريكا الا خيار واحد فقط وهو اسقاط النظام السوري واستبداله بنظام آخر يضمن مصالحها ومصالح إسرائيل بالطبع ويجعل من إيران كيان بدون شريك في المنطقة ويضعف من إمكانيات حزب الله
فكانت فرصة الثورة السورية الحل والمنقذ بالنسبة للأمريكان لتحقيق مآربهم السياسية وأنطلقوا فعلاً في دعم الثورة السورية وإستنكار بشاعة نظام بشار وأن عليه التنحي لضمان الحرية والديمقراطية للشعب السوري (نفس الأغنية المستهلكة دوماً لإحتلال أي بلد والتدخل في شؤنه) أما البديل الذي كان مخطط له لنظام بشار كان الجيش السوري الحر
السني المعتدل والائتلاف الوطني الذي كان ينادي بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وهذه هي المواصفات التي يبحث عنها الأمريكان في البديل المثالي تماما مثل بديل الإخوان في تونس ومصر الذي يعشق التمسح على عتبات الأمريكان وهذا ما نشهده الآن من تسابق قياداتهم إلى تقديم أوراق اعتمادهم للغرب وتطمينه بأنهم لن يزعجوا طفل الغرب المدلل "إسرائيل" وأنهم ملتزمون بالمعاهدات الموقعة معه وأنهم ديمقراطيون أكثر من الأمريكان أنفسهم وهذا ما يسمى
بالاسلام المدني الديموقراطي الذي تروج له مؤسسة
راند الامريكية بقطر من اجل اعادة هيكلة وصياغة المجتمعات العربية الإسلامية وفق الصيغة الامريكية
وبدأت وسائل الإعلام العربية و العالمية تروج لهذا البديل على أنه البديل الثوري المدافع عن الشعب السوري أمام وحشية نظام بشار حتى أن الأمريكان دعوا إلى تسليح الجيش السوري الحر لإمتلاكه منظومة منضبطة يعني أن أغلب قيادته تقريباً تحت السيطرة -عملاء- وكذلك صرح وزير خارجية قطر والسعودية وغيرهم بضرورة تسليح الجيش السوري الحر ولحد هذه اللحظة كل الأمور تسير على ما يرام بالنسبة للأمريكان كل شيء كما يريدونه إلى حد ضهور المفاجأة .
المفاجأة كانت في ضهور تنظيمات أخرى موازية للجيش الحر وغامضة -
مجهولي القيادات- بالنسبة للطرف الأمريكي ذات توجه إسلامي جهادي وسرعان ما أصبحت هذه التنظيمات هي الطرف الحاكم والفاصل على الأراضي السورية ولم يستطيع الجيش الحر جر هذه التنظيمات تحت قياداته ومن ابرزها جبهة النصرة وأستطاعت جبهة النصرة الإستفادة من الفيتو الروسي/الصيني الذي رفض التدخل الأجنبي على الأراضي السورية مما جعل منهم الطرف الحاسم في سورية وفي صورة سقوط بشار لن يستطيع الأمريكان فرض بديلهم -الجيش السوري الحر والإئتلاف الوطني- وسيسقط كل شيء في الماء لا سيطرة على سورية ولا أمن لإسرائيل ولا ضمان من عدم وصول الأسلحة الكيمياوية للمجاهدين ولا هم يحزنون لذلك تم إيقاف جميع عمليات تسليح المعارضة حتى الجيش الحر نفسه لأنه لم يعد يستطيع حماية مدخراته من الأسلحة أمام هذه التنظيمات...كما أن جبهة النصرة لم تقتصر جهودها على العمليات العسكرية فقط بل أيضاً على اقامة علاقات وثيقة مع مع الشعب السوري بتقديم المساعدات والحماية حتى التدخل في حل النزعات لنصرة المظلومين مما اكسبهم المزيد من الشعبية مقابل فشل الجيش الحر في الرهان الذي وضع من أجله ...
إذا كيف سيتصرف الأمريكان أصحاب الخبرة أمام هذا المشكل ؟
الحل العسكري المباشر :
تقوم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) بجمع معلومات حول المجاهدين المسلمين في سوريا لإمكانية توجيه ضربات إليهم بطائرات بدون طيار في مرحلة لاحقة، وفقا لما ذكرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز.
كما أن (السي آي أي) قد أقدمت على أحداث تغييرات جذرية في صفوف الضباط المسؤولين عن توجيه الضربات، لتحسين جمع المعلومات حول الناشطين في سوريا وشكل هؤلاء الضباط وحدات مع زملاء لهم كانوا يطاردون ناشطي القاعدة في العراق ويتمركز الضباط المكلفون بالتركيز على سوريا في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي بولاية فرجينيا الأميركية بالإضافة لقواعدهم في الأردن والسعودية وشمال العراق في إقليم كردستان وتركيا كما أن الوكالة تعمل بشكل وثيق مع الاستخبارات السعودية والأردنية وغيرها من أجهزة استخبارات المنطقة الناشطة في سوريا وقد كشف أيضاً القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأميرال جيمس ستافريدس عن اعتزام بعض دول الحلف القيام بعمل عسكري في سوريا بشكل منفرد يعني أن هناك نية واضحة لمهاجمة هذه التنظيمات المصنفة إرهابيا والإطاحة بنظام بشار في نفس الوقت عن طريق التدخل العسكري والأغلب أن هذا التدخل سيكون لضرب التنظيمات الجهادية المعادية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل قبل الشروع في الإطاحة بالنظام
تشكيل صحوات سورية :
الصحوات هم تنظيمات مقاتلة وصناعة أمريكية بفكر وهابي تحت رعاية شيوخ البلاط لآل سعود و التجربة الناجحة للأمريكان في إستعمال الصحوات كانت بالعراق؛ فعندما أنهك المجاهدون في العراق جيش الاحتلال الأميركي وتسببوا له في العديد من الخسائر البشرية وعجز الأمريكان عن القضاء عليهم لجؤا إلى خطة بديلة، فبدلاً من أن يحاربهم أوقعوا بين المسلمين بتدريب مقاتلين ينسبون أنفسهم إلى السلفية -الوهابية- لمحاربة الأرهابيين الذين يحاربون الأمريكان في العراق وقد بدأت هذه الخطة الخبيثة في منطقة الأنبار، حيث جند الأميركيون عشرين ألفاً من مقاتلي العشائر السنية ودفعوها إلى محاربة القاعدة ثم نشروا التجربة في سائر مناطق السنية فزاد عدد مقاتلي الصحوات على مئة ألف واستمر الجيش الأميركي في دفع رواتبهم وتمويل عملياتهم مقابل هذه الخدمات...ويبدوا أن الأمريكان يريدون إعادة الكرة في في سورية بتشكيل صحوات سورية لمحاربة جبهة النصرة والتنظيمات المصنفة إرهابية،فقد نقلت صحيفة كريشان سينس مونيتر الأمريكية عن مسؤول رفيع في "سي آي آي" قوله أن جهازه وضباط من الجيش الأردني وعناصر المخابرات السعودية قد أشرفوا على الإنتهاء من إعداد الوحدات العسكرية الخاصة والتي يتم تدريبها في معسكرات الجيش الأردني كي تدخل إلى سوريا ، وتكون الجيش المستقبلي لحكومة "الائتلاف الوطني" الذي يرأسه الإخواني معاذ الخطيب وذلك لتتمكن حسب وصفه من محاربة وتصفية المجاهدين في مراحل لاحقة ومنعهم من الوصول إلى مركز يقررون فيه مستقبل سوريا بعد سقوط بشار الأسد وأضاف مسؤول السي آي آي أن التجربة الأمريكية وفي أماكن آخرى كثيرة من العالم قد برهنت على نجاح السياسة الإستراتيجية الأمريكية والتي تعتمد على تقديم المال مقابل خدمات
عينة عن توجه شيوخ البلاط لمملكة آل سعود للحث من أجل القضاء على الحركات الجهادية و جبهة النصرة بالتحديد
هكذا هو الوضع في سورية صراع عالمي معقد ومعادلة صعبة دخلت في مرحلة اللاعودة راح ضحيتها الشعب السوري، فهناك من يريد إخضاع سورية والتلاعب بها من أجل رعاية أمن إسرائيل ومن معها بجرها نحو فتنة بين أبناء شعبها وهناك من سيطرت عليه أفكار القومية والتوسع إلى حد الجنون ومن الآخر يريد نصيباً من الكعكة ومن يريد أيضاً مفاجأة الجميع بدولة الخلافة
نتوجه بشكوانا إلى الله أن ينصر المستضعفين ويحقن دماء أهلنا في سوريا
.
-تصريحات جديدة تدعم المقال-
مفاجأة تصريح رياض الأسعد أحد قيادي الجيش الحر الذي إعتبر جبهة النصرة اخوانه وأنهم لم يسيئوا لأي سوري بل على العكس الشعب السوري متعاطف مع جبهة النصرة المستقل عن الدول الغربية
بعد تصريحه محاولة لاغتيال رياض الأسعد... وأنا شخصيا أتهم قيادات أخرى من الجيش الحر والعميلة بتدبير هذه العملية لأن هذا التصريح لا يخدم مصالحهم التي وضعوا من أجلها
بعد هذه العملية تصريح جديد لمعاذ الخطيب يهاجم فيه الحركات الجهادية ويعتبرها تهديد على مستقبل سورية ...أظن الآن أن كل شيء أصبح واضح
François Hollande au diner du CRIF 2013 (Iran-Syrie-Hezbollah-Qaïda-Israel)